أمسيات ساخنة معتادة في ثلاجة المباحث
نوفمبر
09
كتب الصديق العزيز خالد السرجاني مقالا في جريدة الدستور بعنوان:
خصخصة أقسام الشرطة بجريدة الدستور، ,و أشار فيه لمقال سبق وأن كتبته وهو المنشور هنا.
انقلة من موقعي السابق “لام ألف” ادعوكم لقراءته
عرفها أغلب فقراء مصر وعديمي الواسطة
أمسيات ساخنة معتادة في ثلاجة المباحث
مشهد أول : العاشرة مساء ” عودة بعد عناوين الاخبار ”
المذيع يبتسم إبتسامة جادة ” تتناسب مع الوقار الذي يرتسم على وجهه ومع البدلة الرمادية الانيقة التي يرتديها ” وهو يوجه سؤاله إلى المسئول الامني الكبير :-
سيادتك ، نحن نعلم جميعا أن الشرطة تغير دورها كثيرا عن الماضي ، فلم يعد المواطن يخشى أو يشعر بخوف حينما يتوجه لأحد أقسام الشرطة ، لقضاء مصلحة أو تقديم شكوى ، ولكن ، ماذا تقول عن بعض الدعايات المغرضة التي تسيئ الى دور هذا الجهاز الوطني مثل إدعاءات التعذيب و تجاوزات بعض الضباط في حق المواطنين ؟
المسئول الامني الكبير : “يتنحنح أولا ”
في الحقيقة أن دهشتي لا تقل عن دهشتك ، فقد أصدرنا أوامر وقرارات إلى كافة أقسام ومراكز الشرطة ، بتحسين معاملة المواطنين من قبل ضباط الشرطة ، ويتم تحقيق فوري في أي شكوى تصل إلينا عن أي تجاوز يجري ، حتى أن المواطن أصبح يشعر أثناء وجوده أنه في منزله الثاني ، حيث الجميع في خدمته ، وأدخلنا الكمبيوتر في الكثير من أقسام الشرطة ، ولا يتم التغاضي عن أي مخالفة تتم ، ولعلك تقرأ عن إحالة بعض الضباط الى المحاكمة نتيجة تجاوزاتهم ضد المواطنين ، ونحن نفعل ما بوسعنا لنجعل أدائنا جديراً بحضارة سبعة آلاف سنة ……!!
في نفس الوقت ” خارج البلاتوة ، والاستديو ، وجهاز التليفزيون كله ” أمام قسم شرطة ..
الأم ترتدي جلباب اسود ، وتنقل الشنطة البلاستيك من يد الى أخرى ، تفرك اليد التي تخلصت منذ ثواني من ثقل الشنطة ، لتشعر ببعض الدفئ في هذا البرد القارص ، عيونها مسلطة على باب القسم ، تدعو الله من قلبها أن تكون السيارة الهيونداي التي تعبر باب القسم هي سيارة رئيس المباحث ، تصيح في ابنها بغضب لماذا لم يرتدي بلوفر تحت الجاكت حتى لا يشعر في البرد ؟!
يصيح ابنها ذو الخمسة عشرة عاما أنه غير بردان ، ويكمل حواره مع فتى أخر عن مبارة الزمالك الأخيرة ، دون أن يرفع عيونه عن فتاة في نفس عمره تقف مع أمها ، وتبادله إختلاس النظرات ، يتحرك قليلا حيث حجب أحد المنتظرين مثله أمام القسم فتاته عنه ..
فجأة يهرع الجميع إلى باب القسم مخترقين الشارع حيث يقفون على الرصيف المقابل ، يصيح عسكري الحراسة فيهم بصوت مرتفع يحمل كل ملامح السلطة : مش هوه ، مش رئيس المباحث ، يللا اقفوا بعيد عن الباب ، البيه المأمور زمانه جاي ..
يعود الجميع ، العشرات بخطوات ثقيله الى الرصيف الاخر من الشارع حيث كانوا يقفون .. يتلكأ البعض ، مقدمين سيجارة الى العسكري في محاولة لإنتزاع كلمات مشجعة إنسانية وموافقه على جعلهم يدخلون القسم ، علهم ينجحون في مقابلة أحد الضباط ويقنعونه بدورهم أن يسمح لهم بإدخال الطعام والسجائر لقريبهم المحتجز في القسم !! يتناول العسكري السيجارة ، ويبتسم حين يشعر بيد تدس في جيبه بعض المال ، .. والله يا جماعة احنا ما عاوزين نمنع حد ، بس الاوامر كده !!
ضاعت السيجارة والجنيهات دون نتيجة ..
يعود المتلكأين الى حيث الاخرين الذين كانوا يرقبون محاولاتهم بشي من الترقب ..
يصيح أحدهم في رفيقه ، ده الواد كان بيجيب دوا من الاجزخانة لما المعاون خده من الشارع !!
يقاطعه صوت سيدة تدعو بحرقه أن يحرق الله قلب هذا المعاون ..
وصوت أخر يسأل عن نتيجة الاتصال بالمحامي وحيجي إمتى عشان يدخل يشوف رجب ” أي رجب” .
وبين الجميع ، أمين شرطة ، يتفاوض لزيادة المبلغ المتفق عليه ليتدخل شخصيا للافراج عن سيد المحتجز من يومين ، وهو يؤكد لعم حسين والد سيد إنه حيرحمه من لفة الكشف في المديرية وحيقول للباشا رئيس المباحث أنه قريبه من بعيد …
يصيح عم حسين مؤكدا ، ما هوه زي اخوك يا حضرة الأمين وبرضه لك الحلاوة بعد ما يطلع !! أحد الواقفين يشعر بغضب شديد ويحرض مرافقيه على إرسال تلغرافات لوزير الداخلية إن هشام محبوس في ثلاجة المباحث من ثلاثة أيام من غير ذنب ،، غضبه يمتزج بخوف ، أن ينفذ مرافقيه نصيحته ويرسلون التليغرافات ، فيلفق رئيس المباحث سيجارة بانجو لهشام ، وتصبح البهدلة أشد ، فعلها رئيس المباحث لـ عبدالمنعم ومحمود وابراهيم من قبل !
الحادية عشرة مساء ” في القسم التاني ” أي قسم شرطة ..
حيضربونا تاني ؟ سأل عماد زميله ، بحجز المباحث المعروف بالثلاجة ، والذي تعرف عليه عصرا في سيارة الميكروباس التي حشدهم بها معاون المباحث بعد أن – لمهم من الشارع – أجاب زميله ، مش عارف بس قوله أنك طالب في دبلوم تجارة ووريه البطاقة .
أجاب عماد أن امين الشرطة خد منه البطاقة وهوه بيشتمه قبل ما يدخلوا الحجز !
يتدخل شاب ثالث في الحوار قائلا بلهجة مؤكدة وعارفة بالامور ، يا عم ضرب الحكومة مش عيب !! يصل للجميع بالحجز صوت معاون المباحث يأمر أمين شرطة بأن : هات العيال اللي عندك يا اسماعيل . يصيح فيهم اسماعيل : تعال ياد انت وهوه هنا .
يخرجون جميعا ، نحو 27 شاب ورجل وبينهم حو