هؤلاء هُم أبطالنا الحقيقيّون
يناير
19
ونحن ندخل عام2009 لابدّ لنا ألاّ ننسى منارات أضاءت سماء حقوق الإنسان في عالمنا العربي عام 2008. أردت أن أستوقفكم بعض الشيء عند أسماء ليست ككلّ الأسماء،أردتُ أن أن نقف إجلالا لفئة نادرة ممّن يعيشون على هذه الأرض ولا يكتفون بمجرّد أن يعيشوا عليها، هكذا ثمّ يمرّون مع الكلمات العابرة، وإنّما أعطوا الكثير من وقتهم وجهدهم ودمهم و… أشياء أخرى، من أجل الإنسان وكرامة الإنسان وشرف الإنسان وحقوق الإنسان.
أردت أن أحيّي شرفاء بذلوا العرق النبيل من أجل الحرّية في عام 2008، ووقفوا وقفة صمود وشموخ في سبيل أفقٍ حيث يكون للإنسان في العالم العربي معنى وللحرّية أبعادها ولثقافة حقوق الإنسان إمتداداتها في كلّ إتّجاه.
هؤلاء هم أبطال 2008 الحقيقيّون في العالم العربي، فليس الحكّام هم الأبطال كما حاول التلفزيون العربي الرسمي الترويج، وليس نجوم الكرة ولا مشاهير الأفلام الهابطة ولا نجوم الغناء الذي لا يُشبه الغناء.
الأبطال الحقيقيّون هم الذين جسّدُوا ملاحم من مواقعهم ترسُم ملامح المستقبل الذي يرنو إليه كلّ غيور على إنسانيّة الإنسان في هذه المنطقة ورافض لإهانة كرامة الناس ومصادرة أبسط حقوقهم في هذه الرقعة، هذا الأسلوب الذي ألفته المنطقة منذ تولّي السلطة من طرف فئة من الحكّام المحلّيين (لا أقول وطنيّين) لا يرضون بغير الإستبداد شكلا للحُكم.
أردت أن أحيّي الشهيدين جبران تويني وسمير قصير مرّة أخرى، فقد كنتما يا جبران ويا سمير بطلين من أبطال 2008 وأنتما الراحلان عنّا قبلها، فقد كنتما حاضريْن بالغياب وظلّ كلّ منكما رمزا لصحافيّ العام بإمتياز مع أنّ جسديكما لم يعيشا معنا العام.
ظلّ كلّ منكما رفيقنا ومثالنا الذي به نحتذي وشمعتنا التي تحترق من أجل أن تُضيء لنا الدروب المظلمة. رحمكما الله يا جبران ويا سمير يا شهيدي الكلمة الحرّة، وعزاؤنا فيكما بعضٌ من كتاباتكما الساحرة ونضالاتكما الخالدة، وأيضا طريق شريف تُتِمّه بعدكما أقلام شريفة في لبنان بينهم العزيزة جيزيل خوري (أرملة الراحل سمير قصير) التي ترسم بعد سمير ملاحم إعلاميّة صادقة تقدّم ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
وأحيّي أيضا الصحافي عبد الكريم الخيواني القلم الحرّ اليمني الذي صبر وصابر في المعتقل رغم حالته الصحّية وأقول له إنّك شرّفت كلّ الصحافيين العرب بكتاباتك الجريئة الكاسرة لعصا الطاعة لأعداء الحرّية، ولصمودك نقف إجلالا يا عبد الكريم وحمدا لله على السلامة.
أريد أن نقف إجلالا أيضا لبرنامج “عين على الديموقراطية” الذي تبثّه قناة “الحرّة” وأقول لصاحبه الإعلاميّ الشريف محمد اليحيائي: إنّ ما تفعله في قناة “الحرّة” ليس مجرّد برنامج يدخل من الباب ليخرج سريعا من النافذة وإنّما هو زرع شامخ باسق يفيض صدقا وعُمقا وإلتصاقا بهموم الإنسان وأنّات المعذّبين في الأرض، حسبك فخرا يا صاحبي أنّك صاحب أفضل برنامج حول الديموقراطيّة يراه الناس في2008 فيرون فيه أنفسهم ويسمعون فيه صوتهم الممنوع من الإرتفاع في بلدانهم ويُنصِتُون فيه إلى صُراخهم يملأ الدنيا..
أهدي إحترامي أيضا إلى بطل آخر ووليدٍ في 2008 من أجل إنسانيّة الإنسان، وأعني قسم الحريات العامة وحقوق الإنسان الذي أسّسته قناة “الجزيرة” في تشرين الأوّل 2008، ليكون فتحا جديدا في الفضاء الإعلامي العربي لمنظومة حقوق الإنسان التي يأبى خفافيش الظلام هنا وهناك في المنطقة أن تُصبح واقعا مُجسّدا يلمسُه الناس وينهلون من معينه ويتنسّمون عبق حقله الخصيب.
أحيّي أيضا الكاتب والمفكرّ والناشط الكبير سعد الدين إبرهيم وأقول له إنّ إغترابك وقرار حبسك في حال عودتك إلى مصر من أجل كلمة حقّ كتبتها إنّما يقف وسام شرف على صدرك ووصمة عارعلى أعداء الفكر والحرّية، فدام الكتّاب الصادقون مثلك.
هناك أبطال آخرون لحقوق الإنسان في 2008 يجب ألاّ ننساهم ونحن نخوض عاما جديدا، أعني كلّ الكتّاب والمدوّنين الذين سخّروا أقلامهم ومِدادهُم الشريف من أجل إعلاء راية حقوق الإنسان ونشر الديموقراطيّة في المنطقة مع أنّ ذلك رهان عسير. وفي هذا السياق أحيّي من الأعماق جميعهم لكنّي أختار المصريّة إسراء عبد الفتّاح كأفضل الشجعان بين المدوّنين لعام 2008، وأرسل أيضا باقة محبّة وإحترام إلى العزيز عبد الكريم عامر عميد المدوّنين وأحيي شجاعته وصموده في المعتقل من أجل إعلاء راية حرّية التعبير وأقول له خسئ أعداء الكلمة الطليقة.
يجب أن نحيّي أيضا كلّ المواقع التي تجاسرت على بذل الكثير من أجل فضح إنتهاكات حقوق الإنسان من الداخل ونشر غسيلها على الملأ، لكنّي أحيّي بصفة خاصّة موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان الذي كان بحقّ الشجرة المباركة الوارفة الظلال التي جمعت الجميع حولها وأطنبت في “إقتراف الجُرم الأكبر” الذي لا يريده المستبدّ العربي وهو كشف كلّ المعتدين على حقوق هذا المخلوق البسيط الذي إسمه… الإنسان.
عام سعيد عليك حيث ما كنت أيّها الإنسان، وكلّ عام والحرّية دربي ودربك..
وكلّ عام و أنت حرّ.
سليم بوخذير
(كاتب وصحافي تونسي ومندوب منظمة “مراسلون بلا حدود” في تونس)
طبعا زي كل الناس الطبيعية بفرح لما حد يشجعنا ويوضح انه ملتفت لعملنا
كل اللي بنطلبه بعض الدعم اللي يشجع الشباب ويخليهم يشعروا ان جهدهم ليس حرث في البحر
هذا المقال نشر في جريدة النهار اللبنانية والدستور المصرية وموقع الراي
http://www.annahar.com/content.php?priority=2&table=kadaya&type=kadaya&day=Sun
http://www.arraee.net/jornalartical/2340.html