الفاكس هنا ، الانترنت هناك .. تويتر هنا وهناك
ديسمبر
28
مناقشة ساخنة بيني وبين هاني مجلي” مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش” حول أهمية الانترنت “الذي كنت حديث العهد به” وأهمية بناء موقع يضم اصدارت منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي ، وأسفر النقاش عن إحباط هاني مجلي من موقفي ورأيي بأن هذا الانترنت هو وسيلة ترف لشباب الطبقة المتوسطة ولن يعود بالفائدة على المنظمات الحقوقية العربية او المواطنين العرب الذين لا يدخلون الانترنت من الأساس، وتم الاتفاق على أن اشرع في بناء قسم عربي على موقع منظمة هيومان رايتس ووتش ،ببرمجة الـ ” HTML” ونشر البيانات والتقارير عن طريق تحويلها إلى جرافيك لتظهر كصورة ، بعد أن علمني صديقي الأمريكي من أصل هندي كيفية بناء المواقع على الانترنت ، دون مقابل ولكن بشرط واحد أن أساهم في تعليم خمسة شباب عرب كيفية بناء المواقع وألا أحرم شخص أو مؤسسة حقوقية أو جماعة مطالبة بالديمقراطية من هذه الخبرة ، فقد كان رأيه مثل رأي هاني مجلي أن الانترنت سوف يكون سلاحا مهما في يد الناس والشباب عموما ، وفي البلاد الديكتاتورية مثل العالم العربي.
نيويورك ، مارس 2000
مشاركا نشطا في منتدى الساحة العربية ، وهو أكبر واكثر المنتديات الحوارية نشاطا في هذه الفترة ، تحت اسم ملح الأرض وكان جزء من مشاركاتي يقوم على نشر أجزاء من تقارير وبيانات هيومان رايتس ووتش على المنتدى ووضع الرابط للتقرير أو البيان ضمن المداخلات .
كنت أفعل هذا بشكل تلقائي وعفوي، وليس في إطار خطة للترويج لهذه الاصدارات ،الا أن مسئول الدعاية والاتصالات في المنظمة أبلغني أن الموقع بات يستقبل المئات من الزوار يوميا من منطقة الخليج وبخاصة من السعودية ، حتى أن القسم العربي الذي أشرف عليه أصبح ثالث اللغات التي تستقبل زوار ضمن سبع لغات يصدر بها موقع المنظمة ، بعد اللغة الاساسية وهي الانجليزية ، واللغة الاسبانية ، ومتجاوزا اللغة الفرنسية والروسية ،والألمانية ، والصينية.
تطور موقع الهيومان رايتس ووتش وتحول من نشر البيانات والتقارير كصور جرافيك الى نشرها بصورة تكست ” TEXT” متزامنا ذلك مع بداية شهرتي بين المنتديات الحوارية العربية ،لاسيما مع بدء انشائي موقعي الخاص الأول ، الذي يحمل نفس الاسم الذي اشتهرت به وهو ملح الأرض على احد مواقع الاستضافة المجانية ، وأيضا بعد طردي من منتدى الساحة العربية بسبب علمانيتي الغير مرغوب فيها.
القاهرة سبتمبر 2000
وكأنني مندوب الانترنت في مصر ، رحت اروج لهذا الاختراع المذهل بين أصدقائي في دار السلام ولدي مؤسسات حقوق الإنسان في مصر ، بل وبين المحامين ، وأصبح اشتراك خدمة الانترنت جزء أساسي من ميزانيتي الشهرية رغم انه كان مرتفع في هذا الوقت حيث كان يبلغ نحو 250جنيه شهريا لأحصل على الخدمة ، إلا أن دخلي من المحاماة ومن بعض المواقع التي قمت بتصميمها كانت كفيلة بتغطية هذا الاشتراك ، وراحت فكرة أو حلم هاني مجلي بإنشاء موقع حقوقي عربي يجمع اصدارات منظمات حقوق الإنسان تشغل تفكيري بشكل حقيقي ، لاسيما وأن الصحافة المستقلة لم تكن ظهرت ، وكذلك الفضائيات لم تكن بهذه الكثافة، ولم تكن أخبار وأنشطة منظمات حقوق الإنسان تجد الاهتمام الكافي، وبصعوبة كانت تجد طريقها للنشر.
نيويورك ، ابريل 2002
كنت أستعرض مع صديقي واستاذي جاكديش عدد المواقع التي قمت ببنائها والتي تجاوزت 22موقعا ، منها 14 موقع تطوعي ومجاني، وكنت فخورا وأن اؤكد له انني عملت بنصيحته ولم أبخل على أحد بهذه التقنية أو الخبرة الجديدة. وكان ضمن هذه المواقع التي قمت بانشائها موقع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم ، باسم الفاجومي ، والذي ضمنته قصائد الشاعر الكبير وبات يستقبل نحو ألف زائر يوميا.
ودخل علينا هاني مجلي وابدى اعجابه بموقع الفاجومي والمواقع الاخرى ، وذكرني بفكرته حول انشاء موقع عربي كبير لحقوق الإنسان ،فأبلغته أنه كان محق وأن العدد الهائل من الزوار للقسم العربي على موقع الووتش ، يؤكد صحه رأيه واتفقنا على عمل جلسة نقاش وتخطيط للموقع.
القاهرة نوفمبر 2003
استأجرنا مكتب في منطقة المعادي وبدئنا في تصميم موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، وقمنا يتصميم اللوجو وعمل قائمة مراسلات وبث تجريبي لموقع الشبكة العربية، الذي تضمن مواد وبيانات لنحو 15منظمة حقوقية ما بين منظمة مصرية وعربية ودولية تعمل على العالم العربي.
القاهرة مارس 2004
الاعلان رسميا عن موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، في احتفال تزامن مع براءة المهندس اشرف ابراهيم في قضية تكوين تنظيم اشتراكي ، وكان ضمن الاتهامات أستخدام الايميل في ارسال معلومات كاذبة لمنظمات حقوق الإنسان ووسائل الاعلام مثل هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية وموقع الجزيرة نت ، ورغم أنني كنت أراقب المحاكمة رسميا لصالح هيومن رايتس ووتش ، الا أنني ساعدت كخبير تقني” كنت ارى نفسي خبيرا في الانترنت وقتها ، لاسيما بين زملائي الحقوقيين الذي لم تتعدى قدرات أغلبهم في هذا الوقت ارسال فاكس أو استلامه”.
القاهرة يونيو 2004
صدر تقريرنا الأول عن الانترنت في العالم العربي بعنوان “مساحة جديدة من القمع؟”. وتحولت الشبكة لقبلة المهتمين بالانترنت وحرية التعبير ، وبات موقع الشبكة يستقبل نحو اربعة الاف زائر يوميا رغم حداثتة ، واصبح يتلقي يوميا العديد من الطلبات لمنظمات ترغب في نشر اصدارتها على الموقع حتى وصل عدد المنظمات التي تغطي الشبكة عملها وتنشر لها نحو 60منظمة خلال اشهر قليلة. واستمر عملي كذلك بجانب ادارة الشبكة العربية مع منظمة هيومان رايتس ووتش كمدير للموقع العربي الخاص بها.
القاهرة مايو 2006
تعطل مشروع مدونات كاتب بعد اعتقال المدون المعروف وأحد المسئولين الاساسيين لهذا المشروع القائم على فكرة اتاحة مدونات للنشطاء والشباب والصحفيين تدعم اللغة العربية ولا تحذف او تراقب الموضوعات التي ينشرونها على مدوناتهم مثلما تفعل مدونات مكتوب أو تهمل اللغة العربية مثل مدونات بلوجر أو بلوج سبوت التابعين لشركة جوجول.
وبعد خروج علاء من السجن ، عاد العمل بنشاط كبير وبالفعل تم إنشاء العديد من المدونات في البداية لفريق العاملين بالشبكة كمدونات تجريبية ، ثم لمدونين من السودان ومصر وتونس ، وبعدها لسوريين واردنيين وسعوديين وبحريينين ويمنيين ، ليصبح عدد المدونات التابعة لمشروع كاتب اليوم نحو 450مدونة لنشطاء من نحو 18دولة عربية. جنبا الى جنب مع نحو 250منظمة حقوقية تغطيها الشبكة العربية وتنشر اصداراتها.
القاهرة ابريل 2008
لم يكن اضراب 6ابريل الذي دعي له شباب الجيل الثاني من نشطاء الانترنت وهم شباب الفيس بوك زوبعة في فنجان ، بل كان تطور نوعي في استخدام الانترنت لدعم مطالب الاصلاح والديمقراطية ، استكمالا لدور المدونين المصريين، الذين استطاعوا جذب اهتمام وسائل الاعلام لنشاطهم والضغوط التي تمارس ضدهم من اجهزة الامن، ولم تكن الشبكة العربية لتتخلف عن مواكبة هذا التطور وهذه الالية الجديدة ، كجزء من ايمانها بأهمية ودور الانترنت وحتى تكون على دراية بهذا الزخم الذي اضافة موقع الفيس بوك واستخدام الشباب له في طرح رؤاهم ومواقفهم ، حيث انشئت الشبكة العربية جروبا لها على الموقع الشهير ، فضلا عن جروبات اخرى للمواقع الفرعية التابعة لها مثل المكتبة العامة وافهم دارفور.
المضطر يركب الصعب ، والحاجة أم الاختراع ، والانترنت أجمل ثرثار في العالم.
يمكنك أن تشارك في أي جروب يدعم شعر صدر تامر حسني ، او تنشئ موقع اخباري لمهاجمة فريق الزمالك ، او تنضم لحركة شباب 6ابريل ، او تهتف بسقوط الاستبداد في تويتر ، او تحشد لحضور حفل محمد منير في الاوبرا ، او تبحث عن مقطع لفيلم بورنو على يوتيوب، او تنشر صور تعبيريه مثل صور جريدة الاهرام ، او تهاجم ختان الاناث في الصعيد أو .. أو أو
يمكنك أن تفعل كل شيئ على الانترنت ، وقدر تعرضك للفساد أو القمع أو بحدة انتقادك لأحد الضباط أو المسئولين ، سوف تكون هدفا للملاحقة البوليسية، لكن أصدقائك ونشطاء الانترنت سوف يقومون بحملة لدعمك تحمل عنوان “فري فلان” وينشط مصممو الجرافيك لعمل بوستر أو بانر يحمل صورتك ، وسوف تتصنع الحكومة أذن من طين وأخرى من عجين ، لكنها خلف الستار سوف تجز على أسنانها من هؤلاء الشياطين الذي أجادوا استخدام تويتر والفيس بوك في فضحها وكشف جرائمها.
فالانترنت لن يكف عن الثرثرة ، وهو مثل الشخص الذي” لا يتبل في فمه فوله”، سوف ينقل الخبر والمعلومة ويكسر الحصار ، ولن يترك الساحة الإعلامية قاصرة على الصحف الحكومية ، بل سوف يتحول الشاب والكهل والفتاة والسيدة لصحفي شعبي، فقط كل ما عليك ان توسع خيالك مثلما يقول احمد ناجي، فبالانترنت وحده سوف يمكنك أن تشكل جبهة التهييس الشعبية.
جمال عيد