• إدارة المدونة

  • الأقسام

  • الأرشيف

مصر..الدولة المؤقتة "يعني على ما تفرج"

يونيو
27

وإيه أخبار الدولة المؤقتة؟
توقفت طويلا عند سؤاله ، شاب مصري ، يعمل بأحد المطاعم البلجيكية سألني حينما سمع كلماتي العربية مع بعض الأصدقاء أثناء تناولنا للطعام بمطعم في بروكسل.
لم أتوقف لغرابة السؤال ، ولكن لتكراره ، فتعبير الدولة المؤقتة سمعته أيضا أثناء وجودي في نيويورك من بعض الشباب المصريين البسطاء الذين فروا بأحلامهم المؤجلة إلى بلاد الله الواسعة ، لا يعلم احد كيف استطاعوا الوصول إلى نيويورك أو استطاع غيرهم الوصول إلى بعض البلدان الأوربية التي أصبح دخول الجنة أسهل من دخولها.
حينما سمعت تعبير "الدولة المؤقتة بأول مرة في نيويورك منذ نحو عامين ، لم أفهمه في البداية ، فسألت الشباب ماذا يعني؟ فقالي لي أحدهم أنهم يثقوا تماما أن هذه الظروف التي تعيشها مصر هي ظروف مؤقتة ولا يمكن أن تستمر ، هذا الفساد وهذا القمع وصعوبة الحصول على فرصة عمل توفر لهم لقمة العيش جعلهم يتأكدوا أنها ظروف مؤقتة ، قالوا لي أنهم مثلهم مثل الكثيرين يحبون مصر ويعشقون شوارعها وحرارة لقاءاتهم في المقهى أو على شاطئ النيل ، لكن العصابة التي تحكمها جعلتهم يدفعون كل ما يملكون وما تمتلك أسرهم ويعرضون أنفسهم للخطر لكي يفروا منها . واختصارا لهذه الظروف  المؤقتة في مصر "على حد تعبيرهم" قاموا بتسمية مصر بالدولة المؤقتة .
وبدأت أفكر طويلا في هذه التسمية الفريدة والتي تتوافق تماما مع الحالة التي وصلت إليها مصر ، دولة مؤقتة ، بالفعل هذا الوضع هو وضع مؤقت حتى لو طال هذا الوقت ، حتى لو اختزل دور ووجود الدولة على الجانب البوليسي من خلال لجان المرور أو بأقسام الشرطة ومقار مباحث أمن الدولة .
دولة مؤقتة لا تستطيع الحكومة الحالية أن تعدل حالها ، فإما أن تكشف الفوضى عن نفسها بوضوح ، أو أن يأتي من الناس من يخلصها من الطفيليين والمتسلقين الذين يحكمونها ويعيدها دولة طبيعية مثل سابق عهدها .
لكن هذه النتيجة أوصلتني لسؤال أخر ، كيف انتشر هذا التعبير بين شباب لا تربطهم صله ، ومن غير المنطقي أن يتعاطى شباب بسطاء في مثل ظروفهم سواء في بروكسل أو نيويورك مع الانترنت ، ليبدوا انتقال هذه التسمية الفريدة أو هذا التوصيف منطقيا!
إذا فهي تسمية باتت منتشرة وليست بحاجة إلى شبكة الانترنت ليساعد على انتشارها " الدولة المؤقتة" ، هل سيأتي اليوم الذي سوف نسمع ونشاهد فيه المذيعين بالقناة الأولي أو قناة النيل للأخبار وهي تبدأ بث عناوين أخبارها باستقبال الرئيس حسني مبارك رئيس الدولة المؤقتة لسفير دول كذا ؟
هل ستذيع الفضائيات خبر في شريط الأخبار يتحدث عن كارثة جديدة لقطار الموت في الدولة المؤقتة؟
هل سوف نقرا على كيس شيبسي "باعتباره أهم المنتجات الصناعية في مصر الآن جملة " صنع في الدولة المؤقتة؟
أعتقد أنه لا شيء بعيد الاحتمال في مصر .
 فحين تتحول الطوارئ كحالة مؤقتة ، لحالة دائمة ، يمكن أن تصبح جملة دولة مؤقتة هو اسم عادي لمصر.
و حين  تستمر نفس الوجوه في الحكم عقودا طويلة وتطلق مبادرات الإصلاح "لنفس الأوضاع التي خربتها" يصبح تعبير دولة مؤقتة شيء عادي .
حين تتحول جريمة مقتل الآلاف من الأبرياء المصريين في كارثة العبارة إلى مجرد جنحة ، مثلها مثل جريمة شيك بدون رصيد أو مشاجرة بين مواطنين ، يصبح تعبير دولة مؤقتة تعبير عادي.
حين نتذكر جملة المتنبي الشهيرة " وكم ذا بمصر من المضحكات" ، سوف نستطيع التأقلم مع اسم مصر الجديد .. الدولة المؤقتة .


 

لا يوجد ردود

أضف رد

To use reCAPTCHA you must get an API key from https://www.google.com/recaptcha/admin/create