أن تكون ناشطا حقوقيا فوقتك موزع بين ثلاث أشياء ، نيابات أمن الدولة ، وبعض المؤتمرات أو الندوات بالخارج ، والسجون المصرية.
والثلاثة لا يحتاجون لتوضيحات كثيرة ، لكن الذي يحتاج لتوضيح هو علاقتهم بجريدة روز اليوسف!
فمصر للطيران مثل غيرها من شركات الطيران "ليست مثلها تماما ، فهي تتأخر أكثر" تعتاد على توزيع بعض الصحف على المسافرين على متنها ، وقد يكون مفهوما أن تقوم بتوزيع جرائد مثل الأهرام أو الأخبار ، أو حتى الجمهورية باعتبارها جرائد قومية ، وقد يفهم أيضا أن تقتصر على ذلك ، لكن الغريب أن الجريدة الوحيدة من بين الجرائد المستقلة أو المعارضة التي تقوم مصر للطيران بتوزيعها على ركابها بجانب هذه الجرائد هي جريدة روز اليوسف ، وحدث أن سالت إحدى المضيفات بشكل عفوي ذات مرة " هل ممكن جريدة الدستور أو المصري اليوم؟" فردت المضيفة باندهاش حقيقي : للأسف يا فندم مبنجبش الجرائد دي !!
وبدوري اندهشت من رد المضيفة " يعني أيه الجرائد دي ؟ مالها الجرائد دي؟ هل هي كخة الجرائد دي؟
وتذكرت نفس الموقف حينما كنت ضيفا على سجن طره في عام 2000 ثم عام 2003، حينما رفض ضابط العنبر بالسجن الاستجابة لطلبنا بشراء جريدة العربي أو الوفد قائلا : ممنوع الجرائد دي!
وتكرر الأمر منذ شهور حينما قمت كمحامي بزيارة سجين وأصر المسئول عن الزيارة بأن أترك أي جريدة معي بالخارج "عدا الأهرام والأخبار" وقال على جريدة الدستور وصوت الأمة اللتان كانتا معي :ممنوع الجرائد دي!!
ومرة أخرى تقفز تساؤلات بذهني وماذا عن نزلاء السجون أو ركاب مصر للطيران الراغبين في معرفة أخبار العالم أو أخبار مصر الحقيقية، وليس قصائد المدح لرئيس الجمهورية والوزراء أسرهم والسادة الضباط وأسرهم أو بعض الفضائح ووصلات النفاق ؟ وهل كتب على نزلاء السجون أو ركاب مصر للطيران أن يشاهدوا مصر الوردية من خلال منظار روز اليوسف أو جريدة الجمهورية ؟
هل أصبح منح ركاب مصر للطيران نسخ مجانية من جريدة روز اليوسف هو الوسيلة المثلى لرفع توزيعها ومحاولة للإبقاء عليها في عالم الصحف والجرائد الذي أصبح البقاء فيه للأصدق والأقرب للقارئ؟
قد يكون مفهوما أن يقبل البعض على الأهرام والأخبار ، حيث ما زالت الكلمات المتقاطعة شئنا أم أبينا تستحوذ على اهتمام جمهور كبير وكذلك الرياضة والبخت والوفيات والإعلانات المبوبة .
لكن المؤكد أيضا أن هناك جمهورا كبيرا ما زالت أخبار مصر الحقيقية والناس اللي تحت تستحوذ على اهتمامهم ، لذلك يسعون لشراء جرائد مثل الوفد أو الدستور أو صوت الأمة .
لكن جريدة مثل روز اليوسف ، ليس فيها بخت أو كلمات متقاطعة أو إعلانات مبوبة، وكذلك ليس فيها أخبار عن مصر "اللي بجد" أو أخبار عن الناس الحقيقية ، فلماذا يستغلون رغبتنا في الهروب من ملل السفر أو عناء الوحدة بالسجن فيجبروننا على قراءتها؟
قد يكون مبررا قراءة روز اليوسف في السجن كإحدى وسائل "تأديب وإصلاح وتهذيب السجناء" ، ولكن هل ترى مصر للطيران أن ركابها أيضا بحاجة إلى تأديب وإصلاح وتهذيب" ؟
هل لدي أحدكم إجابة ؟