بيت الأدب والراحة
نوفمبر
27
واو
كتابات عن مصر التانية ، مصر بجد
تسيطر على فكرة أن مصطفي الفقي يجلس دائما في مقاعد مجلس الشعب وهو يخرج لسانه لزملائه من أعضاء البرلمان المنتمين إلى الإخوان المسلمين ، وكأنه يذكرهم أنه بانتمائه إلى المؤسسة الرسمية قد انتزع منهم كرسي بالمجلس كان احد زملائهم وهو الدكتور جمال حشمت أحق به .
ليس ذلك فقط ، ولكن الصحافة المصرية التي تتميز بذاكراتها الضعيفة وطيبتها الشديدة قد راحت تحتفي به وتخرج علينا بصورته بين الحين والأخر كمفكر قومي وخبير بالشئون الدولية والداخلية والعلوية والسفلية وكل حاجة!
وحين أتحدث عن الصحافة المصرية أعني بها الصحف المستقلة والحزبية ، وهي برأيي المعبرة الحقيقية عن الرأي العام ، أما الصحف القومية فقد أصبحت معبرة عن شريحة ضيقة عبارة عن ذوي المصالح بالحزب الوطني الغير ديمقراطي.
ونسيت أو تناست صحافتنا المصرية وعود الرجل بأنه لن يقبل بفوز مشكوك فيه بمجلس الشعب ، ورغم أن فوزه قد جاء ليس فقط مشكوك فيه ، بل هو فوز مزيف ومزور ، لكنه لحس وعوده وضرب الحائط بشهادة القضاة الذين اشرفوا على الانتخابات ، وقبل بأن يجلس على كرسي كان جمال حشمت أولى وأحق به . ليصبح السيد الفقي عضوا مزيفا تهلل له الصحافة التي تتميز بأنها على نياتها وقلبها كبير وترفع شعار "عفي الله عما سلف" خصوصا لو كان ما سلف هذا هو تزوير ضد معارض ينتمي للإخوان المسلمين.
ونفس الأمر يتكرر مع السيد فؤاد علام الخبير الأمني في أعتى أجهزة التعذيب في مصر وشمال أفريقيا والمسمى "امن الدولة"، يتكرر نفس المشهد باختلاف التفاصيل ، فالرجل وعلى خلاف زملائه الذين تركوا هذا الجهاز القمعي ، تحول إلى نجم ، وضيف دائم على محطات التليفزيون وصفحات الجرائد والمجلات ، رغم أن انتمائه فقط لهذا الجهاز يكفي لعزله عن الجماهير سواء التي اكتوت بناره أثناء وجوده بالخدمة ، أو من سمع فقط باسمه .
والخبير الأمني وهو كزميله الفقي أيضا ، أصبح يطل علينا كمفكر في كل شيء ، بدءا من الإستراتيجية الأمنية لمكافحة غش الطعمية ، وصولا إلى كيفية عمل حملة للتصدي لقرصة النملة .
أيضا كان من الطبيعي والمنطقي أن تحتفي الصحف الرسمية باللواء فؤاد علام ، نظير خدماته الجليلة في التنكيل بالمعارضين السياسيين أثناء وجودة بالخدمة ، لكن الغريب والغير منطقي أن تصل طيبة الصحافة المصرية الحقيقية وسذاجتها إلى مجاراة أختها غير الشقيقة والمقصود بها الصحف الرسمية في تلميع الرجل والاحتفاء به رغم كل تاريخه هذا !
أتساءل عن دور الصحافة كلسان ومرآة للشعوب ، هل دورها أن تقف موقف المحايد "المتواطئ أحيانا" أم أن تكون سيف الشعوب المسلط على كل من ضلله وقمعه؟
كان يمكن لمصطفى الفقي وفؤاد علام أن يكونا نجوما ومفكرين فقط في دهاليز الحزب الوطني أو بمعنى أخر مفكرين موظفين يرفعون شعار "يمين يمين ، شمال أحسن برضه" لو أن الصحافة المصرية قررت تجاهلهم ومحاسبتهم على وعودهم الزائفة وتاريخهم القمعي .
ولكن الصحافة المصرية قد ساهمت في تضليل المواطن المصري سواء بطيبتها وسذاجتها أو بتواطئها ، وفي كلتا الحالتين هي شريك في هذه الجريمة .. جريمة تضليل الناس والتخلي عن دورها كسلطة رابعة وحقيقية يمكنها محاسبة كل شخص أهان المواطنين في مصر.